وقفت اللجنة النيابية لتقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد، على مجموعة من الخروقات والاختلالات التي طبعت تدبير المعاشات على مدى 22 سنة، والتي تتجلى بشكل أساسي في اتخاذ قرارات سياسية وإدارية أثرت على مسار الصندوق عبر إصلاحات ترقيعية لا تستند إلى دراسة اكتوارية ولا إلى رؤية استشرافية ، حيث تم منح معاشات بدون سند قانوني، ومعاشات أخرى تحوم حولها الشبهات..
وأفادت اللجنة، في التقرير الذي قدمه عدي الشجيري عن مجموعة العمل التقدمي، خلال الجلسة الاستثنائية التي نظمها مجلس المستشارين مساء أول أمس الاثنين، أن الارتباك شاب مسار الصندوق المغربي للتقاعد، حيث تم تجميده كمؤسسة عمومية منذ سنة 1958 وإلى غاية تاريخ إعادة هيكلته سنة 1996، مما ترتب عنه فقدانه للاستقلال المالي، واستحواذ الدولة على تدبير ملف المعاشات، والخلط الذي نجم عن ذلك محاسباتيا عند تحويله إلى مجرد مصلحة تابعة لهياكل وزارة المالية.
ومن بين الخروقات التي سجلتها اللجنة، منح تسبيقات في إطار نظام المعاشات العسكرية والأنظمة الغير مساهمة من طرف نظام المعاشات المدنية في غياب رصيد احتياطي للمعاشات العسكرية، في حين لم يتم احتساب الفوائد المستحقة على متأخرات الدولة اتجاه نظام المعاشات المدنية.
وأبرزت اللجنة أن إحدى الإشكالات العويصة التي ساهمت في تأزم وضعية الصندوق تتمثل في إشكالية حكامة تدبيره، حيث رصدت تعدد المتدخلين في تدبير أنظمة التقاعد، وهيمنة وزارة المالية من خلال ترأسها للجن الحكامة بمجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد، وغياب آليات القيادة واليقظة لتتبع التوقعات والمخاطر التي قد تهدد التوازنات المالية لنظام المعاشات المدنية، فضلا عن ثقل الكلفة المالية الناتجة عن تأخير إصلاح المقياسي الشمولي، علما أن بوادر اختلال التوازنات المالية ظهرت منذ 1994 أي أن الإصلاح كان ينبغي أن ينطلق منذ هذا التاريخ مما كان من شأنه تجنيب حدوث الأزمة.
ووضعت اللجنة ثلاثة مخارج لإصلاح نظام المعاشات، حيث دعت في هذا الصدد الحكومة إلى تحديد الإصلاح المقياسي، والعودة إلى تفعيل توصيات اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد بتنفيذ الإصلاح الشمولي لأنظمة التقاعد ضمانا لاستقلالية الصندوق، فضلا عن أداء الدولة ما بذمتها من متأخرات مستحقة لفائدة نظام المعاشات المدنية، مع احتساب الفوائد والتسبيقات المحولة لنظام المعاشات العسكرية ونظام المعاشات المدنية.