بقلم محتات الرقاص
بعض الذين تكلموا في مشاركة”الشبيبة الإشتراكية”، شبيبة حزب التقدم والإشتراكية، في المهرجان العالمي للشباب والطلبة المقام هذه الأيام بسوتشي بروسيا، وإمتطوا ظهر ذلك للتهجم على هذه المنظمة الشبيبية التقدمية، التي يعود تأسيسها إلى عام 1978، وإستهداف مناضلاتها ومناضليها أو قيادة حزبهم، إنما كشفوا، مع الأسف، عن جهل فاضح وفضيع لموضوع الكلام.
أولا، الأمر يتعلق بمنظمة شبابية وطنية جادة لها حق الإستفادة من المنح، ومن الدعم العمومي لتدبير أنشطتها وإنجاز برامجها التأطيرية والتكوينية والإشعاعية والديبلوماسية، وذلك تماما كما يحدث، ومنذ عقود طويلة، مع عديد جمعيات ومنظمات مستوفية للشروط القانونية اللازمة.
ثانيا، من يريد إستهداف هذه المنظمة من خلال قناعاتها الوطنية، ودفاعها عن الوحدة الترابية للبلاد، وعن دولة المؤسسات، فقد أخطأ العنوان تماما، ولهذه المنظمة وحزبها تاريخ كفاحي طويل على هذا المستوى، ويرجى من بعض هؤلاء الجاهلين أن يقرأوا قليلا.
ثالثا، الشبيبة الإشتراكية، وهي الإمتداد والإستمرار للشبيبة المغربية للتقدم والإشتراكية، لم تبدأ حضور المهرجانات العالمية للشباب اليوم أو فقط في السنوات القليلة، ولكن الأمر يعود لعقود وعقود، وهي المشاركة التي تعززت فيما بعد بمساهمة منظمات شبابية وطنية وديموقراطية أخرى، كانت بمعيتها تشكل بإستمرار الوفد الشبابي المغربي الذي يحضر مثل هذه المحافل الدولية الهامة.
رابعا، الشبيبة الإشتراكية، أو الشبيبة المغربية للتقدم والإشتراكية، إستمرت مشاركتها في دورات المهرجان العالمي للشباب والطلبة منذ تلك المراحل التي لم يكن يوجد أحد ضمن المنظمات الدولية من يساند الموقف الوطني المغربي، إلى غاية الدورة الحالية، وعبر كامل هذا المسار الترافعي والنضالي الطويل حدثت كثير أشياء وتطورات، وخاضت أجيال من المناضلات والمناضلين هذه المشاركة الوطنية النضالية، وكثير منهم أحياء اليوم بإمكانهم الإدلاء بشهاداتهم أو كتابة هذا التاريخ البهي.
خامسا، المشاركة في هذه المنتديات ليست قرارا للسلطات تعين من يحضره، وما كان الأمر يوما كذلك، ولكن هي فعل نضالي إقتضاه إنخراط الشبيبة الإشتراكية، ومنظمات شبابية وطنية أخرى، في هيئات إقليمية ودولية، ومثل ذلك بإستمرار واجهة نضاليه للدفاع عن القضايا الوطنية والديموقراطية لبلادنا وشعبنا وشبابنا.
سادسا، عضوية الشبيبة الإشتراكية في الإتحاد العالمي للشباب الديموقراطي، وهو الجهة المنظمة للمهرجان العالمي إلى جانب منظمات طلابية، ممتدة في الزمان، وسبق أن شغلت المنظمة مسؤوليات مختلفة ضمن هياكل الإتحاد، بما في ذلك تنسيق عمل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو ما لم يقبله خصوم الوحدة الترابية لبلادنا الحاضرين بقوة داخل الإتحاد، والمدعومين بكثافة من طرف سلطات الجزائر وجنوب إفريقيا وفنزويلا بالخصوص، وقد ناوروا لسنوات، وخصوصا أثناء دورة المهرجان العالمي التي سبق أن إحتضنتها جنوب إفريقيا، ما أفضى إلى إبعاد كل المنظمات الشبابية المغربية العضوة بسبب دفاعها المستميت عن مغربية الصحراء ومواجهة ممثلي خصوم المغرب، كما سبق في دورة أخرى للمهرجان أقيمت في الجزائر أن تعرض الوفد الشبابي المغربي لكثير مضايقات، والنتيجة كانت أن بقي الصوت الوطني المغربي غائبا طيلة سبع سنوات، ولا يحضر في إجتماعات الإتحاد أو في أنشطته، كما لا يساهم في أي أعمال تحضيرية للمهرجان.
سابعا، الشبيبة الإشتراكية، من جهتها لم تستسلم لهذا الإقصاء، وبقيت تكثف ضغوطها وتطور تحالفاتها على الصعيدين العربي والإفريقي وفِي أوساط المنظمات الإقليمية والمتوسطية، إلى أن أتاح هذا الإلحاح إنتزاع حق حضور دورة المهرجان هذه السنة في روسيا، برغم عدم المشاركة في تحضير البرنامج أو المساهمة في الأنشطة الإعدادية القبلية، وكان يجب إعتبار هذا الحضور نفسه مكسبا ومقدمة للنضال من أجل إستعادة عضوية باقي المنظمات الشبابية المغربية المرتبطة تاريخيا بالإتحاد العالمي للشباب الديموقراطي والحركة المهرجانية العالمية.
ثامنا، لمعلومات من يهذي هذه الأيام حول الموضوع من دون أي معطيات، فالإتحاد العالمي للشباب الديموقراطي يتشكل من منظمات شبابية يسارية تقدمية، وبعض المنظمات الوطنية الديموقراطية الأخرى، وذلك من أزيد من 170 دولة، وقد جرى تأسيسه في منتصف الأربعينات، وبالتالي هو منبر شبابي كوني لا يتبنى أعضاؤه، بالضرورة، نفس الموقف من كل القضايا الدولية والإقليمية، ولكن الترافع وصراع الأفكار والمواقف يجري داخله، وتخوضه بإستمرار المنظمات المغربية العضوة، وقد حققت عبر السنين كثير إختراقات ومكاسب.
تاسعا، الشبيبة الإشتراكية، وأيضا المنظمات الشبابية المغربية الأخرى، سبق أن إستضافت لقاءات عربية ومغاربية وإفريقية متعددة هنا في بلادنا، وهي تحضر بقوة للترافع عن القضايا العربية داخل الإتحاد وفِي باقي المنتديات، والمنظمات الشبابية العربية الحقيقية تعرف هذا وتقدره منذ سنوات، ولكن الشبيبة الإشتراكية لا تشبه منظمات عربية معروف إحتواؤها السلطوي من لدن أنظمة بلدانها الديكتاتورية، وغياب الشباب عنها، وهي لا تعدو كونها مجرد إدارات تتحرك بالأوامر فقط، وبعض قصيري النظر عندنا لم ينتبهوا لهذا، ولم يدركوا أن هكذا منظمات جوفاء لا صلة تربطها بالشبيبة الإشتراكية، وهي لا تشبهها نهائيا، وليست نموذجا حتى نقتفي أثرها نحن هنا في المغرب.
عاشرا، وفد منظمة الشبيبة الإشتراكية الحاضر بقوة نضالية، وبوطنية كبيرة هذه الأيام في مهرجان سوتشي، يستحق التهنئة والتحفيز والمساندة، لأنه إستطاع الحضور الفعلي داخل المهرجان، وأقام جناحا خاصا زاره آلاف المشاركين من كل العالم، ورفع العلم الوطني عاليا في حفل إفتتاح المهرجان وفي كل فضاءات التظاهرة العالمية، وأيضا لأنه خاض ترافعا سياسيا قويا وسط المهرجان وداخل الفعاليات المتعددة واللجان، ورسخ علاقات عديدة ستتيح له لاحقا تعزيز الضغط لإستعادة العضوية الكاملة للشبيبة الإشتراكية وباقي المنظمات الوطنية العضوة، وبالتالي هزم اللوبيات المعادية لوحدتنا الترابية.
أما من يريد إفتعال المزايدة على شباب التقدم والإشتراكية، وترويج الوهم والجهل، فمرة أخرى، لقد أخطأ الطريق والهدف.