عبد اللطيف اعمو يقدم ملاحظات و رأي حزب التقدم و الاشتراكية حول تقرير لجنة تقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد
تدخل الأستاذ عبد اللطيف أعمو منسق
مجموعة العمل التقدمي بمجلس المستشارين في مناقشة
تقرير لجنة تقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد
الأربعاء 15 مارس 2017
السيد الرئيس،
السيدات و السادة المستشارون
باسم مجموعة العمل التقدمي أتقدم أمامكم برأينا وملاحظاتنا حول تقرير لجنة تقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد ..
لابد في البداية أن أنوه بمبادرة مجلسنا بتشكيل لجنة تقصي الحقائق حول موضوع استأثر باهتمامنا و انشغالنا جميعا في الأشهر الماضية، بل ومنذ سنوات، يتعلق بالوضعية الصعبة التي يعيشها الصندوق المغربي للتقاعد، الذي كان مهددا بالإفلاس الكامل، لو استمرعلى وضعه السابق، لولا مبادرة الحكومة المنتهية ولايتها بإصلاح مقياسي لوقف النزيف، ومازال مهددا على المدى المتوسط إذا لم تقم الحكومات المقبلة بإصلاح شمولي لضمان ديمومته.
مبادرة مجلسنا تندرج ضمن صلاحياته الرقابية، لكن أيضا ضمن مسؤولياته، باعتباره ممثلا للأمة بكل فئاتها ومكوناتها، وفي عنقه أمانة الحرص على حسن تدبير المرافق العمومية و الحرص على المال العام.
ولابد كذلك من التنويه بالعمل الذي قامت به هذه اللجنة، وتحمل أعضائها لجهد كبير، و أيام و ساعات طويلة من العمل المضني، أفضى إلى التقرير الذي نناقشه اليوم. تقرير شخص بدقة أسباب الأزمة الذي يعيشها الصندوق المغربي للتقاعد، و قدم خلاصات و توصيات نقدم ملاحظاتنا بشأنها،ملاحظات لا تقلل من أهمية التقرير ومن جهد اللجنة، بل تسعى إلى إغناء رأي مجلسنا في هذا الموضوع الهام، و الذي ناقشناه بشكل مطول و معمق السنة الماضية في اللجنة الدائمة المختصة، خلال مناقشة مشاريع قوانين إصلاح أنظمة التقاعد.
السيد الرئيس،
لن نتوقف عند تشخيص اللجنة لأزمة الصندوق المغربي للتقاعد، فهو تشخيص موضوعي استند على معطيات وتقارير جدية و مسئولة، وهي معطيات و تقارير اطلعنا عليها و أدركنا جميعا الخطورة التي تشكلها وضعية الصندوق، خاصة قبل الإصلاح القياسي، على مستقبل عشرات بل مئات الآلاف من المتقاعدين .
ونلخص ملاحظاتنا على التقرير كالتالي:
- لا يتضمن التقرير تحديد المسؤوليات بوضوح . فقد ورد فيه وجود خروقات، بعضها قد يتخذ صبغة جنائية، و منها “منح معاشات بدون سند قانوني و معاشات تحوم حولها الشبهات “، هذا أمر خطير يتطلب تحقيقا قضائيا لأنه قد يشير إلى تلاعب في المال العام،غير أن التقرير لم يحدد المسؤولية في إطار مبدأ ” المسؤولية و المحاسبة “، فمن المسئول عن هذا الخرق بالتحديد؟ ومن ثمة من نحاسب؟ فلم يحدد التقرير من كان مسئولا إداريا في فترة حدوث هذا الخرق الكبير، ومن كان مسئولا سياسيا عنه؟
عدم تحديد المسؤوليات يشمل أيضا خرق قانون الصفقات العمومية بخصوص صفقة بناء مقر الصندوق بشارع العرعار بالرباط.
ومن المسئول إداريا و سياسيا واسميا عن عدم تسديد الجماعات المحلية لمساهماتها؟
فلا يكفي تحميل المسؤولية ل ” الحكومات المتعاقبة” أو للدولة هكذا بإطلاق ، فالدولة ممثلة بأشخاص سواء في المسؤولية السياسية أو الإدارية.
- في الخلاصات اعتبر التقرير أن ” اتخاذ قرارات سياسية و إدارية أثرت على مسار الصندوق عبر إصلاحات ترقيعية ” دون تمييز بين القرارات التي كان لها وقع سلبي و أخرى ذات وقع إيجابي على توازن مالية الصندوق، مثل رفع المساهمة من 14% في إصلاح 2004 أو توسيع الوعاء ليشمل التعويضات القارة ( إصلاح 1990و 1997) . وتم إدماج الإصلاح المقياسي لسنة 2016 ضمن خانة القرارات السياسية و الإدارية، و الحال أن الأمر يتعلق بقانون معدل لقانون 1971 المحدث لنظام المعاشات المدنية، سلك كل المساطر التشريعية، وصوت عليه من طرف البرلمان بغرفتيه، إضافة إلى كون هذا الإصلاح المقياسي لا يؤثر على توازنات الصندوق بالسلب.واعتبار تأثيره سلبيا راي لا يحضى باتفاق كل الفاعلين بقدر ما يعبر عن رأي غير مؤسس لما فيه الكفاية على معطيات موضوعية.
إن هذه الإصلاحات الجزئية لا يمكن مقارنتها بقرارات كانت فعلا ذات تأثير سلبي على مسار الصندوق، مثل تجميد الصندوق لمدة 40 سنة،أو عدم التنصيص على مساهمة الدولة بحصتها كمشغل في قانون 1971، أو تأثير المغادرة الطوعية على مالية الصندوق، أو غياب المرونة في تدبير استثمارات الصندوق.
إن السليم ،في نظرنا، هو إبراز القرارات ذات الوقع السلبي من جهة، وإبراز محدودية الإصلاحات التي عرفها الصندوق من جهة أخرى رغم بعض جوانبها الايجابية التي تقتضي الموضوعية و المسؤولية إبرازها، ثم التأكيد على ضرورة الإصلاح الشمولي .
- لقد جاء التقرير بتوصيات هامة في مجملها ندعمها و ندعو إلى الأخذ بها في أي إصلاح مقبل للصندوق، و بشكل خاص خلال عملية الإصلاح الشمولي المرتقب، لكننا توقفنا عند توصية ” تجميد الإصلاح المقياسي” و نتساءل عن مدى سلامة خروج مجلسنا بهذه التوصية.
فلمن نوجه طلب التجميد؟هل للحكومة المقبلة صلاحية تجميد قانون سلك كل المساطر التشريعية و تمت المصادقة عليه في البرلمان بغرفتيه؟ علما أننا كمشرعين مفروض أننا أكثر حرصا على احترام المساطر التشريعية، و أكثر تأكيدا على تنفيذ القوانين التي نصادق عليها، بعد نقاشات مضنية و تعديلات وعمل جدي في اللجان المختصة؟
كيف يستقيم أن نصادق على قانون ثم نطالب بعد أشهر بتجميده ؟ بأي مسطرة قانونية سيتم التجميد؟علما أن القانون دخل حيز التنفي. وما هو البديل إلى حين الإصلاح الشمولي؟
ان تجميد قوانين ليس مطلبا برلمانيا، لكن عندما تكون هذه المطالبة من خارج البرلمان فيمكن له ان يبادر، في اطار سلطته التشريعية، بتعديل قانون او نسخه بقانون آخر بسلوك المساطر التشريعية . فليس من مهمة البرلمان تجميد قوانين بل صناعتها لأجل حل مشكلات مطروحة.
علاوة على كل ذلك لمسنا تناقضا في تقرير اللجنة بين هذه التوصية وبين الخلاصة ما قبل الاخيرة في التقرير والتي جاءت حرفيا كما يلي: ” ثقل الكلفة المالية الناتج عن تاخير الاصلاح المقياسي والشمولي علما ان بوادر اختلال توازنات مالية انظمة التقاعد ظهرت منذ سنة 1994″.وهذه خلاصة اساسية صحيحة ويقر بها الجميع، فكيف نقر بالتأثير السلبي لتأخير الإصلاح ألمقياسي ونطالب في نفس الوقت بمزيد من التأخير عمليا؟
لكل ذلك ،فإننا في مجموعة العمل التقدمي نعبر عن تحفظنا عن توصية بهذا الحجم، دون أن يعني ذلك اعتبارنا أن الإصلاح المقياسي كاف لضمان ديمومة الصندوق، بل ندعو إلى إصلاح شمولي يراعي توصية اللجنة، و كذلك ما عبر عنه المجلس الأعلى للحسابات، و المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي، و توصيات اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد.
وبخصوص توصية مراجعة نسبة المساهمة و العمل بمبدأ الثلثين مقابل الثلث ،فإننا ندعم هذا المطلب وندعو إلى مزيد من تعميق النقاش في هذا الموضوع ، كما ندعوالىالاخذ به في افق الاصلاح الشمولي المرتقب.
تلك كانت، أيها السيدات و السادة، بعض ملاحظاتنا على هذا التقرير حسب ما سمح به الزمن المخصص لنا في هذه المناقشة مع تأكيدنا في الأخير، مرة أخرى، على أهميته، وتنويهنا باللجنة و طاقمها الإداري، و بالجهد المبذول لإنجازه.
وشكرا