مداخلة النائب رشيد حموني حول مشروع القانون قانون رقم 73.17 بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة
الدورة الاستثنائية المنعقدة يوم الثلاثاء 27 مارس 2018
السيد الرئيس؛
السيد وزير العدل؛
السيدات والسادة النواب؛
يشرفني أن أتدخل باسم المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية في المناقشة العامة لمشروع قانون رقم 73.17 بنسخ و تعويض الكتاب الخامس من القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة. و هو المشروع الذي يأتي في إطار الدينامية الهامة والقوية التي تعرفها بلادنا لاستكمال المنظومة القانونية والمؤسساتية المرتبطة بالاستثمار وعالم الأعمال، لتصبح المملكة المغربية منصة لاستقطاب الاستثمارات المنتجة للثروة ومناصب الشغل وتعزز تنافسية الاقتصاد الوطني إقليميا وقاريا ودوليا كقطب تنموي متميز في محيطه.
السيد الرئيس
إننا في المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية نعتبر أن حجم الإختلالات التي تم تشخيصها خلال مسار تطبيق الكتاب الخامس، تؤكد أن هذا النص أصبح غير قادر على مواكبة التحولات الكبرى التي يعرفها عالم الأعمال والاستثمار، ومن هنا فإن هذا المشروع لا يكتسي فقط أهمية وملحاحية كبيرة ولكن أيضا له طابع استعجالي تبرره الحاجة لمعالجة الثغرات والنواقص المتعلقة بصعوبة المقاولة، عبر إرساء منظومة قانونية ومؤسساتية تمكن من الارتقاء بمستوى أداء المقاولة و تعزيز فاعليتها الاقتصادية في إطار مسيرة متجددة لتعميق مسلسل الإصلاحات وفق نفس تنموي جديد يعزز استقلالية وشفافية القرار الاقتصادي لمواجهة التحديات وربح الرهانات الحالية والمستقبلية.
السيد الرئيس
إن قناعتنا، راسخة بان المقاولة تشكل بنية أساسية في الاقتصاد الوطني باعتبارها منتجة للثروة وأيضا مساهمة في السلم الاجتماعي عبر إحداث مناصب الشغل ومعقود عليها رفع رهان مواجهة البطالة في ظل تراجع دور الدولة كمشغل. ومن هذا المنطلق فإننا نثمن المستجدات التي جاء بها المشروع، ونظرا لضيق الوقت سنقتصر فقط على ذكر بعض منها:
– إحداث مسطرة الإنقاذ كمقاربة إستباقية لمواجهة الصعوبات التي قد تعتري بعض المقاولات؛
– إحداث جمعية للدائنين تضم جميع دائني المقاولة وجعلهم جزء من الحل من خلال ضمان تمثيليتهم في مسطرة التسوية القضائية؛
– إحداث نظام قانوني خاص بمساطر صعوبات المقاولة العابرة للحدود الذي سيعزز سياسة الانفتاح لجلب استثمارات الشركات المتعددة الجنسيات التي تستفيد من نعمة الاستقرار التي يتمتع بها المغرب وسيضاف إليها الأمن القانوني ليطمئن المستثمرين؛
– حماية حقوق الإجراء للتخفيف من الاحتقان وتوفير السلم الاجتماعي عبر تعزيز حقوقهم و تحسين وضعهم القانوني الهش في المقاولات التي تعاني من صعوبات عبر التنصيص على الحفاظ على مناصب الشغل، وإعفاء الأجراء من التصريح بديونهم وإقرار مسطرة خاصة بحصر ديون الأجراء التابعين للمقاولة، و استثناء عقود الشغل من خيار الفسخ؛
– تأهيل أجهزة المسطرة عبر تعزيز دور القاضي المنتدب وتوسيع صلاحياته و تأهيل دور السنديك بإعادة النظر في كيفية تعيينه واستبداله، وكذا تحديد المهام المنوطة به.
السيد الرئيس
نثمن عاليا المقاربة التشاركية لإنتاج هذا النص التشريعي، والذي أتى كخلاصة لمسار تشاوري طويل من التحضير، بدأ بتشكيل لجنة من مختلف القطاعات الحكومية والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين في 2010 ، وتلاها العديد من المشاورات طيلة ما يزيد على ثمان سنوات من الإعداد، ركزت على ايجاد مداخل أساسية لصناعة نص تشريعي في مستوى تطلعات الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين.
السيد الرئيس
إن استحضار كل هذه المستجدات الايجابية، لا يعفينا من تسليط الضوء على بعض جوانب المشروع، لتجويده بما يخدم الأهداف والمرامي التي جاء من اجلها. فالمقاربة القانونية مهمة لكنها غير كافية، لمعالجة الإشكالات التي تعاني منها المقاولات، لذا نؤكد على تبني مقاربة شمولية ومندمجة تأخذ بعين الاعتبار الحاجة إلى تطوير آليات لمعالجة الصعوبات لضمان حياة سليمة للمقاولات، بما ينسجم والأدوار الأساسية التي تقوم بها كمحرك رئيسي للاقتصاد، و أداة فعالة لتحقيق النمو و إنتاج الثروة وخلق فرص الشغل، وتقوية تنافسية الاقتصاد الوطني وتقوية التماسك الاجتماعي ولهذا فإننا نؤكد على ضرورة تبني:
– إستراتيجية وطنية تحقق التوفيق بين النجاعة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المقاولات بتقوية كفاءتها التدبيرية وقدرتها التنافسية؛
– إشراك جميع المؤسسات التي لها علاقة بحياة المقاولة كالمؤسسات البنكية وإدارات الضرائب والمؤسسات الدستورية التي لها علاقة بالمنافسة ومحاربة الاحتكار في مواكبة المقاولات؛
– تشجيع روح المقاولة، وتعزيز الكفاءات الاستثمارية، من خلال تدريس أساسيات إدارة الأعمال؛
– الإعمال الفعلي للقانون واحترام حقوق العمال، من خلال التصدي الحازم لكل الانتهاكات، مما يستدعي تقوية وسائل المراقبة.
– تأهيل الموارد البشرية وعلى رأسها مؤسسة القاضي المنتدب من خلال تكوين قضاة في مجال قضاء الأعمال ورفع نسبة التأطير لتحقيق تغطية واسعة للمقاولات في وضعية صعبة.
إن هذه الإستراتجية ستمكن من التعامل الهادئ واليقظ مع المنظومة القانونية والمؤسساتية المنظمة للاقتصاد الوطني لدعم تنافسيته وتقوية مثانته لمواجهة مختلف التحديات التي قد تواجه نسيجنا الاقتصادي.
تلكم السيد الرئيس، مساهمتنا في إطار الحيز الزمني المسموح به، وسنصوت بالإيجاب على مشروع القانون، والسلام عليكم ورحمة الله.