فِي بداية اجتماعه الدوري ليوم الثلاثاء 14 ماي 2019، تناول المكتب السياسي الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، على ضوء عرض السيد رئيس الحكومة الذي تقدم به أمام البرلمان يوم الاثنين 13 ماي 2019.
وإذ توقف المكتب السياسي عند أهمية ما يجسده عرضُ الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة من لحظة ديمقراطية وفرصةٍ للتواصل مع نواب الأمة وكافة الرأي العام بشأن مستوى أداء المسؤولية العمومية من طرف السلطة التنفيذية، فإنه يسجل إيجابا المجهودات الإصلاحية التي تواصلُ الحكومة الحالية الاجتهادَ في بذلها على أكثر من صعيد، من قبيل الرفع من ميزانيات القطاعات الاجتماعية وخاصة بالنسبية للتعليم والصحة، الرفع من الاعتمادات المخصصة للاستثمار العمومي، توقيع اتفاق الحوار الاجتماعي، استكمال نصوص تنزيل الجهوية والرفع من الإمكانيات المالية المُحَوَّلة لفائدة الجهات، اعتماد الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، وكذا تحيين خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان وصياغة مخططها التنفيذي، مواصلة تغطية التراب الوطني بوثائق التعمير وتعزيز برامج سياسة المدينة وتشجيع السكن الاجتماعي بالوسط القروي، اعتماد الضريبة التصاعدية على الشركات، إطلاق عملية إرجاع متأخرات الضريبة على القيمة المضافة، الشروع في إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، مواصلة تنزيل النموذج الطاقي المغربي، اعتماد المخطط الوطني للصحة 2025 وتعزيز البنية التحتية الاستشفائية وتحسين المؤشرات الصحية لا سيما بالنسبة لصحة الأمهات والأطفال ورفع عدد المستفيدين من نظام المساعدة الطبية راميد، تعزيز الموارد البشرية التربوية مع إطلاق برنامج تحديث المؤسسات التعليمية والرفع من ميزانية البرامج الاجتماعية الموجهة للتلاميذ والاهتمام أكثر بالتعليم الأولي وخفض نسب الانقطاع عن الدراسة، إحداث شبكة الفضاءات المتعددة الوسائط للنساء ضحايا العنف، إدماج تدريس الأمازيغية في المعاهد العليا للإدارة والقضاء والاتصال والسينما والمسرح، اعتماد قانون الحق في الحصول على المعلومة والشروع في تفعيله، تطوير نظام “تحفيز” لدعم التشغيل، إطلاق مشاريع جديدة للفلاحة التضامنية لفائدة الفلاحين الصغار، تعزيز الحوافز الضريبية الخاصة بقطاع السياحة، اعتماد سياسة وطنية مندمجة للشباب، تعزيز التكوين المهني،،،، إلى غير ذلك من الإصلاحات والتدابير الإيجابية.
إن المكتب السياسي، وهو يستحضر التزامَ حزب التقدم والاشتراكية ببرنامج الحكومة وبميثاق أغلبيتها التي هو جزء منها، فإنه يؤكد من موقعه على مواصلةِ حرصه المسؤول والجدي على الإسهام في الدفع بعجلة الإصلاح والإنجاز نحو أقصى الدرجات الممكنة.
من هذا المنطلق، ومع تثمينه لكافة المؤشرات الإيجابية المُسجلة في الأداء الحكومي خلال الفترة الماضية، فإن المكتب السياسي يؤكد على أن الأوضاع المتسمة بتصاعد الطلب الاجتماعي وتعاظم انتظارات المواطنات والمواطنين، وبحالة القلق السائد في أوساط مجتمعية مختلفة، وبِضُعف الثقة في المؤسسات، وبتعمُّقِ التفاوتات الطبقية والمجالية، إنما هي أوضاع يُمْكِنُ تجاوزُهَا من خلال الحرص على تثمين وحَمْلِ رصيد المجهودات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية بمقاربةٍ سياسية مُؤَطِّرَة ومُــعَــبــِئَـــة من شأنها الإسهامُ في ضخ نَفَسٍ ديموقراطي جديد، بما يُعيد المصداقية والثقة في الجهد المؤسساتي والعمل السياسي والحزبي الجاد، مع تعزيز الحريات الفردية والجماعية وطي عدد من الملفات المؤثرة سلبا على ما تستلزمه المرحلة من تصفية للأجواء العامة، فضلا عن الانكباب على الرفع من وتيرة العمل الحكومي لمواجهة النقائص المسجلة على الصعيد الاجتماعي والتصدي لمظاهر الفقر والهشاشة وإقرار العدالة الاجتماعية والمجالية، وإرجاع الثقة للمقاولة الوطنية وبث نَفَسٍ جديد في الفضاء الاقتصادي والاستثمار الوطني، دون إغفال أهمية ما يكتسيه ترشيدُ حكامة التنسيق السياسي بين مكونات الأغلبية والتركيزُ على الإصلاحات الكبرى والتدابير الأولوية التي من شأنها التأثيرُ بشكل إيجابي ومباشر على معيشِ أوسع الفئات والشرائح المجتمعية.
صلة بالموضوع، خصص المكتب السياسي جزءً من اجتماعه للقاءٍ مع مجلس رئاسة الحزب، للتداول في أنجع السبل العملية من أجل تفعيل المبادرة التي أقرتها اللجنةُ المركزية بخصوص دعوة الفاعلين السياسيين إلى حوار وطني موضوعُهُ الأوضاعُ العامة الراهنة ببلادنا وسُبُلُ تطويرِهَا، في أفق تجاوز حالة الإنحباس والجمود والانتظارية التي تَسِمُ مُعظمَ الإصلاحاتِ الأساسية في شتى المجالات، حيث بعد الاتفاق على التصورات العامة المتصلة بالموضوع، تم إقرار تشكيل فريق عمل يتكلف بإعداد واقتراح الخطوات العملية بهذا الصدد.
وفي ما يتعلق بحياة الحزب الداخلية، تناول المكتب السياسي بالتقييم مستوى تقدم بلورة وتفعيل الأنشطة الرمضانية التي تبادر إلى برمجتها وتنظيمها الفروع الإقليمية والمحلية والجهوية والقطاعات السوسيومهنية والمنظمات الموازية للحزب.
في هذا الإطار، يُهــيــبُ المكتبُ السياسي بكافة تنظيمات الحزب وقطاعاته ومنظماته، من أجل إدراج موضوع خلاصات ونتائج الدورة الرابعة للجنة المركزية ومقرراتها السياسية الهامة، ضمن اللقاءات العمومية أو الداخلية التي تعتزم تنظيمها خلال هذا الشهر الفضيل، لأجل مزيدٍ من تمكين كافة المناضلات والمناضلين من تملكها، وتأسيس نضال القرب عليها، وبغاية تقاسم مواقف الحزب مع أوسع الفئات المجتمعية ومع الفاعلين الجادين على الأصعدة الوطنية والجهوية والإقليمية والمحلية.
كما أخذ المكتب السياسي علما، على ضوء إحاطــةٍ تقدم بها الرفيقُ الأمين العام، بمستجدات تحضير الشبيبة الاشتراكية لعقد مؤتمرها الوطني المقبل، حيث يدعو كافة مناضلات ومناضلي المنظمة ومسؤولاتها ومسؤوليها إلى مواصلة الحرص على توفير كافة الشروط الإيجابية والظروف المواتية لالتئام مؤتمرٍ وطني يُشَكِّلُ بحق محطةً نضالية وديمقراطية تُــقدم القيمةَ المضافة لمدرسة التقدم والاشتراكية وتُعطي صورة وإشعاعا يتلاءمان مع تاريخ وآفاق شبيبة الحزب ومكانتها بين نظيراتها الوطنية.
وعلى صعيد تطورات الوضع الإقليمي، توقف المكتب السياسي بالخصوص عند ما استجد على الساحة السودانية من أحداث عنف دامية ومؤسفة، حيث يدعو أطراف المشهد السوداني إلى تدبير الفترة الانتقالية بما يُمَكِّنُ البلاد من العبور إلى بر الاستقرار، لا سيما من خلال إقرار المعايير الديموقراطية للتداول السلمي على السلطة، مع نبذ العنف وشجب القمع أَيًّـــا كان مَصْدَرُهُ في مواجهة صوت الشعب المتطلع نحو الديمقراطية والكرامة والعدالة ودولة الحق والقانون.