الفاجعة

0

mehtat rekkasبقلم محتات الرقاص –

من جديد يبتلع البحر أطفالا ماتوا فيه غرقا…

من جديد واد الشراط يبرز كمرادف للموت و…للأحزان…

عصر أول أمس الاثنين كانت بنسليمان حزينة وباكية، وعبر كل مناطق البلاد شارك المغاربة أهل بنسليمان حزنهم وصدمة الفاجعة.

المدينة بكاملها خرجت أول أمس تشيع جثامين الأطفال الستة بمقبرة سيدي محمد، والكل كان يعزي الكل، لأن الفاجعة أصابت الجميع. نعرف أن النيابة العامة فتحت تحقيقا في ظروف الحادث المأساوي الذي شهده شاطئ غير محروس بمحاذاة واد الشراط، ونعرف أن المدرب منظم الرحلة تم وضعه رهن تدابير الحراسة النظرية، وهو أيضا فقد ابنته .

الموت هنا مقترن بفجاعية الطريقة وبأعمار الضحايا وبتداعيات بعدية أخرى، حتى أن الكلام عن المأساة التي حدثت أو مشاهدة صور الأطفال الذين قضوا غرقا صارا غير محتملين.

الرحمة للضحايا، والمواساة والصبر لأسرهم وذويهم، هذا منتهى ما يمكن للمرء قوله في مثل هذه المواقف المروعة.

ثم انه لا يمكننا سوى التشبث بالأمل مهما كان ضعيفا لكي تنجح قوات الوقاية المدنية والدرك الملكي في العثور على المفقودين الخمسة أحياء وإعادتهم لعائلاتهم، وفي نفس الوقت نأمل الاهتمام بالأطفال الناجين وتمكينهم من عناية طبية وسيكولوجية واجتماعية لمواجهة تبعات ما حدث لهم، ومساندة اسر الضحايا لتجاوز محنة هذا الرزي الكبير.

إن ما حدث ينبهنا جميعا إلى خطورة استمرار الشواطئ غير المحروسة، وضرورة إحاطتها بكل ما يلزم من تدابير احتراسية ووقائية، سواء بوضع علامات تنبيه وتحذير في كامل محيطها، أو بوضع نقاط للأمن أو للدرك ثابتة في عين المكان لمنع الوصول إليها من لدن المصطافين، وفي نفس الوقت من الضروري تقوية مبادرات التحسيس والتوعية وسط العائلات والجمعيات المحلية  والمؤسسات التعليمية وعبر وسائل الإعلام، وذلك بشأن كل ما يتعلق بشروط الاصطياف والاستجمام في الشواطئ، وما يهم تنظيم الرحلات، وخصوصا التي يشارك فيها الأطفال، وظروف تنقلهم وحراستهم من طرف مدربي سباحة مؤهلين…

كل هذا ليس فيه أي “تقطار شمع” أو لوك كلام بلا معنى أو سعي لتحميل طرف دون الآخر مسؤولية ما حدث، ولكن  من غير الممكن  إطلاقا تفادي مثل هذه المآسي بدون أن يتحمل كل طرف مسؤوليته، وبدون أن يتم اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة من قبل.

الذين قضوا غرقا هذه المرة هم أطفال وفلذات أكباد آبائهم وأمهاتهم، وهم أيضا أبطال رياضيون كانوا بصدد الاحتفال بما حققوه هذا العام من نتائج، كما أنه في المنطقة نفسها سبق أن مات برلماني وقائد سياسي، وأيضا وزير دولة ومسؤول حزبي، وكل هذه الفواجع حدثت في أمد زمني قريب، ولا زال جميع المغاربة يذكرون تفاصيلها، وفي عناوينها وتفاصيلها دائما يطل واد الشراط موزعا الموت..

“الله يحد الباس”