مداخلة النائبة رشيدة الطاهري في المناقشة العامة حول مشروع قانون رقم 27.14 يتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر
السيد الرئيس؛
السيدات والسادة الوزراء؛
السيدات النائبات والسادة النواب؛
يشرفني أن أتناول الكلمة باسم فريق التقدم الديمقراطي، في مناقشة مشروع القانون رقم 27-14، المتعلق بمكافحة الاتجار في البشر، هذا المشروع الذي يعزز المنظومة القانونية الوطنية ، الهادفة إلى حماية حقوق الإنسان، والنهوض بها ، تفعيلا لمضامين الدستور، وكذا لالتزامات بلادنا، من خلال ملاءمة القوانين الوطنية للاتفاقيات والمواثيق والبروتوكولات ذات الصلة في ما يهم كل أشكال الاتجار في البشر، وخاصة ضد النساء والفتيات اللواتي يشكلن 80 في المائة من الضحايا ،واعتبار الظاهرة خرقا جسيما للحقوق الإنسانية.
كما يعزز المشروع مسار الإصلاحات التشريعية التي استهدفت المنظومة الجنائية من قبيل مراجعة قانون المسطرة الجنائية ومجموعة القانون الجنائي من أجل مكافحة الإرهاب والفساد وغسل الأموال وحماية المعطيات المعلوماتية ومناهضة التعذيب والمعاملات القاسية وكذا الإفلات من العقاب.
بالمناسبة أود أن أذكر أن فريقنا ، كان من السباقين لإثارة هذا الخرق للحقوق الإنسانية من خلال التقدم بمقترح قانون بتاريخ 17يونيو 2013 هذا المقترح الذي تم تقديمه أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بتاريخ 18 دجنبر 2013 ، وإنها مناسبة، ننوه من خلالها كذلك السيد الرئيس المحترم، بالتفاعل الايجابي للحكومة وللسيد الوزير المحترم، مع مقترح فريقنا من خلال إدماج معظم مضامينه، ومع عضوات وأعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، أغلبية ومعارضة، ومن خلالها مع السيدات والسادة النواب، وهذا ما جعل المشروع يحظى بالإجماع داخل اللجنة.
السيد الرئيس؛
السيدات والسادة الوزراء؛
السيدات النائبات والسادة النواب؛
إننا في فريق التقدم الديمقراطي، وأعتقد أن شأننا في ذلك شأن جميع الفرق والمجموعة النيابية، نؤكد على أن الحاجة اليوم ملحة لاستكمال أركان الحماية الجنائية لضحايا الجريمة، من خلال زجر الظواهر الإجرامية الجديدة التي تستهدف سلامة الأفراد ومصالح الدولة، والتي تنتهك في العمق حقوق الإنسان وكرامته. ومن أخطر هذه الظواهر، جريمة الاتجار بالبشر التي تستأثر أكثر فأكثر بالاهتمام الدولي وتشكل موضوعاً للعديد من التقارير الإقليمية والدولية والأممية.
إن الاتجار بالبشر،كونه صورة من صور الرق في الزمن الحديث، تهدد الأمن البشري وأمن الدولة على السواء، وهي تستهدف على الخصوص النساء والأطفال من خلال استغلال حالة الضعف والهشاشة التي يعانون منها، حيث تكون ظروف الفقر والتفاوت الاقتصادي وانعدام المساواة بين الجنسين وضعف آليات الوقاية وحماية حقوق الطفل وانتشار الفساد مناخاً مشجعاً لتفشي هذه الجريمة، سواء من خلال أفراد، أو من خلال مجموعات وشبكات إجرامية منظمة. وتزداد خطورة هذه الجريمة عندما تتجاوز الحدود الوطنية، وتأخذ بعداً دولياً عابراً لهذه الحدود. والمغرب كغيره من الدول ليس في مأمن من هذه الجريمة وتداعياتها المختلفة، سواء تعلق الأمر بالاستغلال في العمل أو الاستغلال الجنسي وغيرهما.
ويهم الأمر طبعا أفواج المهاجرين والمهاجرات الوفدين على بلادنا،وكل شبكات الإتجار التي تذهب ضحيتها نساء وفتيات قاصرات تتعرضن للاغتصاب والعنف الجنسي،وكل أنواع العنف مع ما قد يترتب عن ذلك من حمل،تتحملن أعباءه كأمهات عازبات . إن الأمر يهم أيضا الوسطاء ووكالات الخدمة في المنازل التي تستورد عاملات وعمال المنازل خصوصا من الدول الإفريقية والأسيوية.
ونستحضر في هذا السياق، وضعية المغربيات المتجهات إلى بعض الدول، خاصة دول الخليج، واللائي يسقطن ضحايا شبكات الاتجار بالبشر، ويؤسفنا أن يصنف المغرب ضمن الدول التي لا تبذل مجهودات للتصدي لهذه الجريمة، ليس فقط على المستوى الدولي بل كذلك إقليمياً.
إن مشروع القانون جاء لمعالجة الظاهرة وننوه بالمجهود لكونه اعتمد المقاربة الحقوقية، واعتمد الدعائم الأربع الأساسية في قانون من هذا القبيل، والتي تترجم رؤية مندمجة من خلال إدراج:
1- التعريفات والمفاهيم التي تتماشى مع ما جاء في بروتوكول “منع وقمع ومعاقبة الاتجار في البشر وخاصة النساء والأطفال”، وهو أحد البروتوكولات المكملة “لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية” التي صادق عليها المغرب بتاريخ 20 شتنبر 2002 ”
2- مقتضيات لحماية الضحايا مغاربة كانوا أو أجانب وكذا حماية الشهود
والمبلغين.
3- مقتضيات الزجر و تشديد العقوبات تجاه الجناة
4- التكفل بالضحايا .
5- إحداث آلية للتتبع والتنسيق فضلا عن نشر المقررات القضائية الصادرة بالإدانة ، وإعداد تقرير وطني سنوي حول محاربة الظاهرة
إن مشروع القانون هذا، أدمج مضامين مقترح فريق التقدم الديمقراطي، وأساسا تعريفات و التي حدد من خلالها سن القاصر في 18 سنة ، كما نص المشروع على أن جريمة الاتجار بالبشر تقوم اتجاههم بمجرد تحقق قصد الاستغلال وبدون اشتراط اي وسيلة من الوسائل التي اشترطها لقيام هذه الجريمة. لكن في نفس الوقت تم حذف الجملة الأخيرة من تعريف الاتجار بالبشر كما ورد بالبروتوكول، إنها جملة واحدة لكنها عميقة في مضمونها لكونها تهم فئة واسعة من الأطفال دون 18 سنة، وتنص هذه الجملة على مايلي ” يعتبر اتجارا بالبشر ، تشغيل القاصرين خارج القانون كعمال في المنازل، والورشات الصناعية والحرفية وفي المحلات التجارية ” إن هذه الأعمال، هي أيضا سخرة واستغلال.
إننا في فريق التقدم الديمقراطي، كنا نأمل أن يؤخذ تعريف الاتجار بالبشر كاملا، باعتبار تشغيل القاصرات والقاصرين، إتجار في البشر وخرق لحقوقهم الأساسية ولطفولتهم.
السيد الرئيس،
السيد الوزير،
إننا إذ نفتخر بهذه اللحظة، وبهذا المنتوج، ننوه أيضا بعمل كل الجمعيات النسائية والحقوقية التي اشتغلت لسنوات حول ظاهرة الاتجار بالبشر، والتي وضعت هذا الخرق الجسيم على الأجندة الحقوقية .
كما ندعو الى أن يواكب القانون إستراتيجية للتحسيس وكذا التكوين لكل المكلفين بإنفاذ القانون.
إننا في فريق التقدم الديمقراطي إذ نصوت لفائدة المشروع، فإننا نأمل أن التصور والبناء الذي تم به هذا القانون، يتم العمل به بالنسبة للقوانين المتبقية وخاصة تلك التي تهم حقوق النساء والفتيات .
شكرا على حسن الاستماع